أثناء الحمل.. تغيرات نفسية وجسدية وآلام طبيعية
تجنب السهر والإرهاق وعدم تناول الأدوية إلا تحت إشراف طبي
لا تكاد الفتاة تتزوج حتى تنتظر اليوم الذي تحمل فيه بفارغ الصبر وتكاد تطير فرحا عندما تعلم أنها حامل لأول مرة ومع هذه السعادة الغامرة تبدأ الآلام والأوجاع ينقلب شعور المرأة بأكمله أثناء الحمل ويبدأ الشك يراود الزوجة عندما يتأخر نزول الحيض عن موعده المعروف ويمكن الآن بواسطة فحص الدم أو البول التأكد من وجود الحمل من عدمه بعض مضي بضعة أيام من تأخر نزول الحيض. ذلك لأن انغراز البويضة الملقحة في الرحم ينبه الجسم الأصفر في المبيض ( وهو الذي يتكون من الكيس الذي خرجت منه البويضة ليرسل هرمونه المنمي للحمل وتزيد هذه الهرمونات في الدم وتنزل في البول وبواسطة فحص بسيط يمكن التأكد من وجود هذه الهرمونات أو عدمها، فإذا ما علمت الأم بحملها فإن السعادة تغمرها وجميع أفراد أسرتها وينبغي عندئذ إجراء بعض الفحوصات البسيطة للتأكد من عدم وجود ما قد يعيق الحمل او الولادة او تسبب كثيرا من مضاعفاتها.. ويطمئن الطبيب على أن ضغط الدم طبيعي ومستوى الهيموجلوبين في المعدلات الطبيعية وفصيلة الدم ليست من النوع الذي يضاد فصيلة دم الجنين وكذلك عدم وجود امراض مزمنة او وراثية.. ويتم توجيهها بجملة نصائح حول غذائها الذي ينبغي ان يزداد فيه البروتين الموجود في اللحوم والدجاج والأسماك والبيض وتزداد في كمية الكالسيوم الموجود في الحليب والألبان ومنتجاتها والفيتامينات والحديد والموجودة بكثرة في الخضروات الطازجة والفواكه، كما يوجهها الطبيب الى نوع اللباس بحيث لا يكون ضيقا وأن عليها ترك لبس الحذاء ذي الكعب العالي ويوصي بمواصلة نشاطها في المنزل كالمعتاد وأن تتجنب السهر والإرهاق قدر الإمكان كما تمنع من حمل الأشياء الثقيلـة وعليها أن لا تستخدم من الأدوية والعقاقير إلا ما يأمر به الطبيب وكلما كانت العقاقير المستهلكة أثناء الحمل قليلة كان ذلك أفضل بالنسبة لها ولجنينها، ورغم هذا كله فلابد من بعض المتاعب التي تعتبر طبيعية أثناء الحمل.
الجهاز الهضمي
يضطرب الجهاز الهضمي في الحمل اضطرابا شديدا.. فيبدأ الحمل بالغثيان وخاصة في الصباح وذلك خلال الأشهر الثلاثة الاولى من الحمل كما ان كثيرا من الحوامل يصيبن بسوء الهضم وحرقان المعدة وتقل الشهية في فترات الحمل الأولى كما تعاني من الإمساك ولذا ينبغي عليها ان تكثر من الخضروات الطازجة واللبن والعسل والإكثار من شرب السوائل مع الرياضة الخفيفة التي تنبه الأمعاء كما ان الوحم وهو الرغبة الشديدة في بعض الاطعمة أو المواد الغريبة يبدأ مع أشهر الحمل الولى وتتحسن حالة الجهاز الهضمي عموما في الشهر الرابع من الحمل وتتحسن الشهية للطعام حتى الشهر التاسع حيث تعاود بعض المتاعب على الجهاز الهضمي نتيجة ضغط الرحم على المعدة والكبد.
القلب والجهاز الدوري يتحمل القلب أثناء الحمل أعباء إضافية تبلغ ضعف ما يتحمله في الحالات العادية وعلى القلب ان يؤدي هذا العمل الإضافي دون كلل فعليه أن يضخ كمية مضاعفة من الدم تكفي للأم والجنين ويبلغ ما يضخه القلب قبل الحمل ما يقارب من (6500) لتر يوميا أما أثناء الحمل وخاصة في الأشهر الأخيرة فان القلب يضخ (1500) لتر يوميا ولكي يقوم بضخ هذه الكمية الزائدة فإن عليه أن يسارع من نبضاته كما أن عليه أن يقوي من ضرباته حتى يضخ في كل ضربة كمية اكبر من المعتاد ولذا يكبر حجم القلب قليلا.
وعادة ما تعاني الحامل من فقر الدم وذلك لأن الجنين يأخذ ما يحتاج إليه من الحديد والعناصر الهامة لتكوين دمه من دم امه ولو ادى الأمر إلى ان يجعلها بحاجة ماسة للهيموجلوبين ومصابة بفقر الدم، ويؤثر فقر الدم بالتالي على القلب ويزيد من سرعة الدورة الدموية وقد يؤدي ذلك إلى هبوط القلب وفشله في اداء وظيفته الحيوية. وكذلك تتمدد الأوردة التي تحمل الدم من الأطراف وخاصة من الأقدام والساقين نتيجة ضغط الرحم على مسار الدم العائد إلى القلب فتمتلئ هذه الأوردة وتتعرج وتعرف بالدوالي، كما ان البواسير تكثير أثناء الحمل وسببها نفس سبب الدوالي في السيقان بالإضافة إلى الامساك الذي ينتاب الحوامل عادة.
الجهاز التنفسي
معظم السيدات الحوامل يعانين من ضيق وسرعة في التنفس وخاصة في الأشهر الأخيرة من الحمل وذلك لأن الرحم قد ملأ تجويف البطن وبدأ يضغط على احجاب الحاجز ويعوق حركته في التنفس ولذا تشكو المرأة الحامل من ضيق النفس وخاصة عندما تستلقى على ظهرها ويرتفع الحجاب الحاجز إلى أعلى مانعا الرئتين من الحركة أثناء الشهيق والزفير.
الغدد الصماء
تضطر بعض وظائف الغدد الصماء في أثناء الحمل مثل الغدة الدرقية التي تزداد حاجتها إلى اليود ولذا يكثر في أثناء الحمل تضخم الغدة الدرقية وفي أغلب هذه الحالات تعود الغدة الدرقية إلى حالتها الطبيعية بعد الولادة وفي أثناء الحمل تزداد الهرمونات المتعاقبة بالحمل مثل الاستروجين والبروجسترون وهرمونات المشية وكلها لها تأثير على الجسم عامة كما أن لها تأثيرا خاصا على الرحم والجنين، وتزداد بسبب هذه الهرمونات كمية السوائل في الجسم وتصاب كثيرا من الحوامل في أواخر الحمل بتورم القدمين وليس لذلك تأثير ضار إلا إذا كان مصاحبا لارتفاع في ضغط الدم أو اضطرابات في وظائف الكلى.
العظام والأسنان
تصاب بعض الأمهات الحوامــل بلين العظام أثناء الحمل وبعـده كما تصاب اللثــة والأسنان بالتهابـات متكررة والسبب في ذلك أن الجنين لكي يبنى عظامه يقوم بسحب الكالسيوم والمواد الضرورية لبناء عظامه من دم أمه.
كل هذه التغيرات وأكثر منها تحصل في الحمل الطبيعي وفي كثير الاحيان يضاف إلى هذه المتاعب التهابــات المجاري البولية التي تزادد أثناء الحمل مما قد يؤدي إلى فقدان البروتين (الزلال) في البول ويؤدي ذلك إلى تورم الأقدام والوجه، كما يكثر في الحمل اضطراب ضغط الدم وأغلب الامهات يعانين من هبــوط أو انخفاض بسيط في ضغط الــدم يؤدي إلى الشعور بالإعياء والدوخــة وهي حــالات بسيطـــة وغير مقلقة ولا تؤثر على حالة الأم في الحمل ولا في المستقبل، ولكن الشيء الخطير هو حصول ارتفاع في ضغط الدم الذي يحتاج إلى مراقبة شديدة وعلاج مكثف حيث ان اهماله قد يؤدي إلى حالات تسمم الحمل الخطيــرة التي تصحبها تشنجــات شديـدة وربما قد تكون مميتة للجنين وحتى الأم.
وفي اثناء الحمل الطبيعي يزداد وزن الأم في المعدل عشرة كيلوجرامات وقد تكون اكثر بكثير من ذلك مما قد يؤثر على رشاقة ومظهر الام إذا ما بقي هذا الوزن بعد الولادة وتحدث تشققات في الجلد وترسب الدهون وهذا كثير ما يزعج السيدات ناهيك عن مشكلات الولادة وآلامها والنزيف والتشققات المهبلية ولكن كل ذلك يهون من اجل الطفل.
ولا تعاني الأم من كل هذه المصاعب الجسدية فحسب ولكن حالتها النفسية تضطرب فهي بين الخوف والرجاء وبين الحزن والفرح، الخوف من الحمل ومصاعبه والولادة ومتاعبها وإرجاء بالفرج والتيسير من الله تعالى.. وبين حالات القلق والكآبة تتأرجح تارة وتارة تغمرها فرحة وسعادة بالمولود الجديد والأمومة، وتحتاج الحامل إلى عناية شديدة من المحيطين بها في هذه الفترة بالذات إذ تكون اكثر حساسية من أي فترة مضت سريعة التأثر والانفعال والميل إلى الهموم والأحزان لاتفه الأسباب وذلك بسبب التغير الفسيولوجي في كل اجزاء الجسم لذا يجب أن تحاط بجــو من الحنان والبُعد عن الأسبــاب التي تــؤدي إلى تأثرها وانفعالها وخاصة من الزوج، فهي في وهن من اول الحمل إلى آخره ( حملته امه وهنّا على وهن)، ( حملته كرها ووضعته كرها) أفلا تكون بعد ذلك كله جديرة بالرعاية والإجلال والتكريم وهي التي جنينها كل ما يحتاجه ولو جعلها هزيلة شاحبة تعاني من فقر الدم ولين العظام وتسوس الأسنان وهبوط القلب وقلة النوم والقلق طوال فترة الحمل، وهي التي تمنع عنه كل أذى بإرادة الله وهي تعطيه الغذاء مهضوما جاهزا وتعطيه الأوكسجين وتأخذ منه السموم مثل البولينا وثاني أكسيد الكربون تأخذها منه راضية فرحة لتطردها عنه وتعطيه كذلك مواد المناعة حتى إذا خرج إلى الدنيا خرج إليها بجهاز يستطيع أن يقاوم الأمراض والميكروبات المحيطة ب هالا تستحق بعد ذلك أن يبرها ابنها ويكرمها ويجلها ويقدر ذلك الزوج